بيت المسلم هو نواة الجماعة المسلمة وهو الخلية التي تتألف منها ومن الخلايا الأخرى ذلك الجسم الحي ألا وهو المجتمع الإسلامي وصلاح هذا البيت من صلاح أفراده ، والمرأة هي العنصر الفعال في هذه الخلية المهمة لأنها المسئولة مباشرة عن إعداد جيل قد يكون صالحاً بفعل إشرافها السليم أو طالحاً بفعل إهمالها أو بسبب إتباعها وتقليدها لمنهج غير سوي ، والإسلام ومنذ بزوغه اهتم اهتماماً بالغاً بالوظائف الأسرية والأعمال المنزلية للمرأة ولعل سبب هذا الاهتمام هوان الإسلام أراد للمرأة أن تنطلق من تلك الحياة الزوجية والوظائف الأسرية من خلال روح التضحية وقيم الإيثار وحب العطاء وطلباً لمرضاة الله وثوابه لامن خلال فرض الواجبات وسلطة القانون وهذا يظهر عمق النظرة الإسلامية لحقل الحياة الزوجية الذي هو حقل مودة ورحمة وقيم معنوية وأخلاقية ومن مسؤولية الشريعة الإسلامية صيانة هذا الهدف المقدس ، ومن هنا أتت مناسبة التأكيد في على مبدأ الحقوق في خطابات النبي صلى الله عليه وآله فرسم نظاماً للمرأة في صورة حقوق تتم برمجتها بيدها فقدم الإسلام توجيهات أسرية تنطوي على مجموعة من المصالح التي تعود على المرأة والأسرة والمجتمع فيما لو التزمت بها الزوجة المؤمنة ، وبما اننا على أعتاب ذكرى المولد الشريف لسيد الكائنات وأفضل الأنبياء النبي محمد صلى الله عليه وآله يجد ربنا قراءة خطاباته للمرأة قراءة متأملة ودقيقة يكون لها أثر صائب للوصول إلى خيوط إسلامية للسعادة الزوجية ونوافذ هامة تطل على ساحلها الجميل ، وقد اخترت ثلاثة عناوين من الأحاديث النبوية الشريفة 0
حسن التبعل
من ضروريات النظام الأسري هو حسن تبعل الزوجة لزوجها ، وهو استخدام الأسلوب الحسن والجميل على مستوى الكلام والتعامل والتصرف الذي من شأنه أن تشيع أجواء المحبة والألفة والاحترام بين الزوجين لتغدو الزوجة سكناً دافئاً يستأنس به وملجآ يلجأ إليه ، وبهذا الأسلوب سوف تحافظ على الحقل الزوجي ، والمرأة التي لاتعتني بحسن التبعل لن تكون سكناً ومستودعاً لزوجها بل على العكس سوف ستكون في نظره مصدر انزعاج وأتعاب لحياته وبهذا تكون هذه المرأة ضيعت أفضل فرصة لها لتنال مرضاة الله ومرضاة زوجها ، وللحث على حسن التبعل قال النبي صلى الله عليه وآله مخاطباً أسماء بنت يزيد : " أَعلمي من خلفك من الناس أن حسن تبعل إحداكن لزوجها وطلبها لمرضاته وأتباعها موافقته يعدل ذلك كله أجر الأعمال التي يقوم بها الرجال "
وهنا أمر أخر لابد من الالتفات إليه وهو أن حسن التبعل ممكن أن تترجمه الزوجة بحسب وعيها وثقافتها فتطبقه بأشكال مختلفة وصور جميلة بحيث تسير أمور حياتها الأسرية بهدوء فيمكن لها رسم ذلك بسلوك الطاعة له فيما يحب أو بالحوار في الظروف المحتاجة لحوار أو استخدام الألفاظ الحسنة والجميلة المحببة لقلب الرجل ، والابتعاد عن سوء الخلق وبذاءة اللسان ، ولايتصوراحد أن حسن التبعل يتعارض مع مسؤولية المرأة في المجتمع ولا يلغي دورها الثقافي خصوصاً إذا كانت عندها مؤهلات علمية ورصيد ثقافي ومكانة اجتماعية تمكنها من التأثير إيجابا في مجتمعها
العناية العاطفية والاهتمام بالمظهر والزينة
الله سبحانه جعل من المرأة كياناً مخزوناً بالعاطفة والرأفة وأراد منها أن تستفيد من ذلك في حياتها الزوجية بحيث تكسب حب وود زوجها من خلال استثمار عاطفتها ، والإسلام حث المرأة على إظهار عاطفتها لزوجها بدرجة غير محدودة ، والمرأة بهذه الشحنات العاطفية قادرة على أن تجعل بيتها تخفق فيه المودة والرحمة والمحبة والحنان ، أن مثل هذا البيت سيكون بعيداً عن الكراهية والمشاكل وقد اعتبر الخطاب النبوي الحق العاطفي احد الحقوق المهمة ،، قال النبي صلى الله عليه وآله : " للرجل على المرأة أن تلزم بيته وتودده وتحبه وتشففه وتجتنب سخطه " ، وقال أيضا " خير نسائكم الولود الودود " فهذه الكلمات النبوية تطلب من المرأة أن تكون في سلوكها مع زوجها سلوك متلون بلون العطف الجميل، ومنصبغ بصبغة الرأفة الساحرة التي تنسي الزوج ما يعيشه من مشاكل وأتعاب في جوانب حياته الاقتصادية والاجتماعية والأسرية ، فعنصر العاطفة عنصراساسي وهو يتناسب كثيراً مع كون المرأة سكناً للزوج فبما أن المرأة هي السكن فلتحاول أن تجعله سكناً دافئاً ومريحاً لزوجها وعليها أن تسعى للاستفادة من هذا العنصر في علاقاتها مع زوجها بجميع أنواعها الخاصة والعامة فان عطفها سيكون مفتاح سعادة لها ولزوجها ولجميع أفراد أسرتها
وهناك جانب أخر لايقل أهمية من لغة العاطفة وهو الاهتمام بالمظهر والزينة فاذا كانت العاطفة لغة القلب والروح فالزينة لغة الحس والزينة ، وكم ستكون المرأة جميلة عندما تهتم باللغتين تستفيد منهما لحفظ زوجها وصيانته فان تزين المرأة لزوجها تعبير عن اهتمامها به وحبها له وعنايتها بحياتها الزوجية
العمل المنزلي
للعمل قيمة بمقدار مايحقق للإنسان من سعادة ، ولاشك أن عمل المرأة في بيتها يحقق مساحة واسعة من السعادة بين الزوجين ، وعمل المرأة في منزلها ليس عبودية ولا استخدام للزوجة ، وإنما هو تربع للمرأة على عرش بيتها فيكون بيدها تنظيم المنزل الداخلي كتربية الأبناء و إدارة شؤون البيت بشكل مناسب ، وتلبية رغبات الزوج الشرعية ورعاية حقه ، وكل هذا اعتبره الإسلام جهاداً ، وقد أثنى النبي صلى الله عليه وآله على المرأة التي تقوم بهذه الأدوار في منزلها فقال عنها :" أيما امرأة رفعت من بيت زوجها شيئاً من موضع إلى موضع تريد به صلاحاً إلا نظر الله إليها ، ومن نظر الله إليه لم يعذبه " وقال أيضا مخاطباً النساء " مهنة أحداكن في بيتها تدرك عمل المجاهدين في سبيل الله " وجاء في رواية أن رجل جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : أن لي زوجة إذا دخلت تلقتني وإذا خرجت شيعتني وإذا رأتني مهموماً قالت مايهمك أن كنت تهتم لرزقك فقد تكفل به غيرك ، وان كنت تهتم بأمر آخرتك فزادك الله هماً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : بشرها بالجنة ، وقل لها انكِ عاملة من عمال الله ، ولكِ في كل يوم أجر سبعين شهيداً " وقال أيضا :" حق الرجل على المرأة إنارة السراج وإصلاح الطعام وأن تستقبله عند باب بيتها فترحب به "
وهنا تبرز مسألة مهمة وهي هل أن الإسلام حصر عمل المرأة في حدود المنزل ؟
وهذا سؤال مهم و كثير من أعداء الإسلام من يتهم الإسلام بأنه حرم العمل على المرأة خارج المنزل وهذه تهمه زائفة لاعلاقة لها بالإسلام ، فان الإسلام كما انه حث المرأة على العمل في منزلها لم يمنعها من العمل خارج منزلها ، ولكن يجب تحديد مساحات العمل ودوائر عمل المرأة فما دام العمل في ظل الضوابط الشرعية فهو جائز ، وأما اذاكان العمل خارج عن ذلك بحيث لاتتمكن المرأة أن تمتهنه لأسباب شرعية أو أخلاقية أو فسيولوجية فهو غير جائز، فعمل المرأة خارج منزلها يخضع لفضاءات يجب تحديدها ، وهذه مسألة فقهية يجب أن ترجع المرأة فيها إلى الفقه الإسلامي لمعرفة الحكم الشرعي المناسب لها
وخاتمة المقال
لاازعم أني تناولت بالتحليل جميع ادوار المرأة الأسرية فهناك الكثير من الأدوار للمرأة وهي تحتاج للكثير من الابحاث والدراسات ، ولكن كان هدفي هو توضيح هذه الأدوار والعناصر الأساسية لكل امرأة ومعرفتها من خلال خطاب النبي صلى الله عليه وآله ، وقد أوليتها اهتماماً وفقاً للمنهج التكاملي للأسرة الذي هو النواة الأولى لتكامل المجتمعات وسلامتها من المناهج الغربية والمتغربة التي تنتهي إلى تفكك الأسرة وانهيارها وانحطاط المجتمع عن الأخلاق والأسس الإيمانية
موضوع: عمل واهمية وواجب المراة 
